الجزائر تملك خيارات محدودة للضغط على فرنسا.. وموقف باريس الداعم لمغربية الصحراء سيشجع بريطانيا لاتخاذ موقف مماثل
فتحت الجزائر الباب أمام العديد من التأويلات حول الإجراءات الإضافية التي قالت بأنها ستتخذها لاحقا ضد فرنسا، بعد إعلان الأخيرة دعمها لسيادة المغرب على الصحراء عبر مقترح الحكم الذاتي كحل وحيد لحل النزاع، في الوقت الذي يرى الكثير من المهتمين بشؤون المنطقة، بأن "خيارات الرد" الجزائرية تبقى محدودة وقد لا تكون مؤثرة.
وفي هذا السياق، قال الخبير السياسي، محمد شقير، في حديث لـ"الصحيفة" بأن " الإجراءات التي يمكن أن تتخذها السلطات الجزائرية ضد فرنسا تتركز على الجانب الدبلوماسي بالأخص، إذ بالإضافة إلى سحب السفير من باريس، ستقوم بتأجيل الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري لفرنسا إلى جانب القيام ببعض الحملات الإعلامية للاستهلاك الداخلي".
وقد تتبع الجزائر هذه القرارات، وفق شقير، بأن تعمل على دفع "بعض الشركات الفرنسية خاصة في قطاع المحروقات للضغط على السلطات الفرنسية من أجل تليين موقفها والحفاظ على التوازن في علاقاتها مع كل من المغرب والجزائر". وهو ما يشير إلى أن خيارات الجزائر تبقى محدود لممارسة الضغط على فرنسا بشكل عام.
واعتبر شقير أن الموقف الفرنسي الأخير المتعلق بقضية الصحراء المغربية "وجه ضربة موجعة للدبلوماسية الجزائرية التي كثيرا ما كانت تتخوف"، من هذه الخطوة، مشيرا إلى أن "الموقف الفرنسي سيشكل عنصر ثقل دبلوماسي لصالح المغرب خاصة في المنتظم الدولي، حيث ضمن المغرب -بالإضافة إلى الولايات المتحدة صاحبة القلم فيما يتعلق بقرارات مجلس الامن السنوية- تأييد فرنسا بوصفها أحد الاطراف الخمسة التي تتوفر على حق الفيتو داخل هذا المجلس".
وبخصوص تداعيات الموقف الفرنسي، قال الخبير السياسي المذكور، إن موقف فرنسا "سيشجع بلا شك بريطانيا لكي تحذو حذو فرنسا، خاصة في إطار التنافس بين الشركاء الأوربيين حول الاستثمار بالمغرب، ولعل تصريح وزير الدفاع البريطاني خلال الاحتفال بالذكرى الفضية لعيد العرش بالسفارة المغربية بلندن قد يعكس هذا التوجه."
كما أن الموقف الفرنسي، "قد يشجع دولا، خاصة الإفريقية، لكي تتخذ مواقف أكثر مساندة للموقف المغربي والتي قد تضغط من أجل الغاء عضوية الجمهورية الصحراوية المزعومة من الاتحاد الافريقي"، حسب محمد شقير.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، كان قد صرح في ندوة صحافية بالجزائر العاصمة الأربعاء الماضي، إن بلاده قامت باستدعاء سفيرها في باريس، سعيد موسي، في إطار "خفض التمثيل الدبلوماسي" وليس من أجل التشاور، واصفا القرار الفرنسي بخصوص الصحراء بأنه "خطوة خطيرة".
وأضاف عطاف في ذات السياق، بأن سحب السفير وتخفيض التمثيل الدبلوماسي الجزائري في فرنسا "خطوة أولى للتعبير عن الاستنكار والاستياء ضمن الخطوات التي يمكن لبلاده القيام بها، وأن الجزائر"بصدد استنتاج كل شيء من الخطوة الفرنسية، وسنقوم بالخطوات اللازمة التي نعبر من خلالها على رفضنا إقدام فرنسا على هذه الخطوة".
واعتبرت تقارير إعلامية دولية، وبالأخص الفرنسية، إن ما صرح به عطاف، يشير إلى أن الجزائر تدرس اتخاذ إجراءات أخرى ضد باريس، لكن لا يُعرف لحدود الساعة ما هي الأوراق التي ستستعملها الجزائر لمحاولة الضغط على فرنسا.